أهلاً بكم فى موقعنا

خرافة : الامتناع عن النشويات من أسباب الرشاقه

Blog Images

خرافة : الامتناع عن النشويات من أسباب الرشاقه

من أكثر النصائح التي يتناقلها الناس عند الحديث عن الحمية والرشاقة هي: “لو عايز تخس، ابعد عن النشويات تمامًا”. هذه العبارة تحولت إلى قاعدة مقدسة في أذهان كثيرين، لدرجة أن البعض صار ينظر إلى الخبز أو الأرز أو المكرونة وكأنها السبب الوحيد وراء زيادة الوزن. لكن العلم الحديث يكشف أن الامتناع الكامل عن النشويات ليس هو الطريق السليم نحو الرشاقة، بل قد يكون له آثار عكسية على صحة الجسم وطاقته.

أول ما يجب فهمه هو أن النشويات (الكربوهيدرات) ليست نوعًا واحدًا، بل تنقسم إلى فئات مختلفة بحسب تركيبها وتأثيرها على الجسم. هناك النشويات المعقدة مثل الحبوب الكاملة، والشوفان، والبطاطا، والبقوليات، وهذه تعتبر من أفضل مصادر الطاقة للجسم. وهناك النشويات البسيطة الموجودة في السكريات والحلويات والمخبوزات البيضاء والمشروبات الغازية، وهذه هي التي تسبب ارتفاعًا سريعًا في سكر الدم وتخزن بسهولة كدهون عند الإفراط فيها.

عندما يمتنع الشخص تمامًا عن تناول النشويات، يبدأ الجسم في البحث عن مصدر بديل للطاقة فيلجأ إلى حرق الدهون والبروتين. صحيح أن هذا قد يؤدي إلى فقدان وزن سريع في البداية، لكنه في الغالب يكون ناتجًا عن فقدان الماء والعضلات وليس الدهون. ومع استمرار الامتناع عن الكربوهيدرات، يعاني الجسم من التعب، والدوخة، وضعف التركيز، وربما اضطراب المزاج بسبب انخفاض مستوى الجلوكوز، وهو الوقود الأساسي للمخ.

بالإضافة إلى ذلك، الأنظمة التي تُقصي النشويات تمامًا تفتقر غالبًا إلى الألياف الغذائية التي تلعب دورًا أساسيًا في صحة الجهاز الهضمي، والشعور بالشبع، وتنظيم سكر الدم. لذلك، فإن الحرمان الكامل من النشويات يؤدي في كثير من الأحيان إلى نوبات جوع شديدة ورغبة قوية في تناول السكريات، ما يجعل الالتزام بالنظام الغذائي أمرًا صعبًا على المدى الطويل.

من ناحية أخرى، تؤكد الدراسات أن تناول النشويات بطريقة ذكية – أي اختيار المصادر الصحية منها والتحكم في الكمية – هو ما يساعد فعلاً على الحفاظ على الوزن المثالي. فالحبوب الكاملة والبقوليات والخضروات النشوية تمد الجسم بالطاقة ببطء، مما يحافظ على ثبات مستوى السكر في الدم ويمنع الجوع المفاجئ. كما أن هذه الأطعمة غنية بالفيتامينات والمعادن والألياف، وهي عناصر لا يمكن الاستغناء عنها في أي نظام غذائي صحي.

الاعتماد على نظام غذائي متوازن يضم نسبة معتدلة من النشويات المعقدة مع البروتينات والدهون الصحية هو الأسلوب الأفضل لتحقيق الرشاقة والاستدامة في الوزن. فالجسم يحتاج إلى الكربوهيدرات كما يحتاج إلى البروتين والدهون، والحرمان من أحدها يخلّ بالتوازن الطبيعي الذي بُني عليه نظامنا الحيوي.

الخلاصة أن الامتناع التام عن النشويات ليس شرطًا للرشاقة، بل هو خرافة غذائية روجتها الأنظمة القاسية والنتائج السريعة. الرشاقة الحقيقية لا تأتي من الحرمان، بل من الوعي بالتنوع والتوازن: اختر النشويات الجيدة، قلل من المكررة والمصنعة، وامنح جسمك الوقود الذي يحتاجه ليعمل بكفاءة ويحافظ على نشاطه وصحته.

 

د.هدير سيف 
اخصائي التغذيه العلاجيه