أهلاً بكم فى موقعنا

خرافة : الدهون ضاره للجسم وتسبب السمنة

Blog Images

خرافة : الدهون ضاره للجسم وتسبب السمنة

من أكثر الخرافات التي علقت في أذهان الناس لسنوات طويلة هي أن الدهون الغذائية عدو الجسم الأول، وأن أي طعام يحتوي على دهون هو سبب مباشر للسمنة وأمراض القلب. انتشرت هذه الفكرة في العقود الماضية بشكل واسع لدرجة أن كثيرين صاروا يخافون من تناول الزيت أو الزبدة أو المكسرات، ويلجؤون إلى المنتجات "خالٍ من الدسم" معتقدين أنها الخيار الصحي الأفضل. لكن العلم الحديث أثبت أن هذه النظرة إلى الدهون كانت مضلِّلة وغير دقيقة، بل إن تجنّب الدهون تمامًا قد يضر بالصحة أكثر مما ينفعها.

الحقيقة أن الدهون ليست عدوًا للجسم، بل عنصر أساسي للحياة. فهي تزوّد الجسم بالطاقة، وتساعد على امتصاص الفيتامينات الذائبة في الدهون (A، D، E، K)، كما تدخل في بناء الخلايا وإنتاج الهرمونات وتنظيم درجة حرارة الجسم. فبدون كمية كافية من الدهون الجيدة، يختل توازن العديد من العمليات الحيوية، ويبدأ الجسم في الشعور بالتعب وضعف التركيز وتقلب المزاج وحتى اضطراب الهرمونات.

لكن الخطأ الشائع هو الخلط بين أنواع الدهون. ليست كل الدهون متشابهة، فهناك دهون ضارة وأخرى نافعة، والفرق بينهما كبير.
الدهون الضارة هي الدهون المشبعة والمتحولة الموجودة في الأطعمة المصنعة والمقلية والوجبات السريعة والسمن النباتي الصناعي. هذه الدهون ترفع من مستوى الكوليسترول الضار (LDL) وتزيد خطر الإصابة بأمراض القلب وتراكم الدهون الحشوية في البطن.

أما الدهون الصحية فهي الموجودة في الزيوت الطبيعية مثل زيت الزيتون وزيت الأفوكادو، وفي المكسرات والبذور والأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين. هذه الدهون ترفع الكوليسترول الجيد (HDL) وتقلل الالتهابات في الجسم وتدعم صحة الدماغ والقلب. الدراسات الحديثة تؤكد أن إدخال الدهون الجيدة ضمن نظام غذائي متوازن يساعد على الحفاظ على الوزن أو حتى فقدانه، لأنها تمنح إحساسًا أطول بالشبع وتقلل الرغبة في تناول السكريات.

ما تسبب فعليًا في وباء السمنة في العقود الأخيرة لم يكن تناول الدهون الطبيعية، بل الإفراط في السكريات والكربوهيدرات المكررة مثل الخبز الأبيض، والمشروبات الغازية، والحلويات. هذه الأطعمة ترفع مستوى الإنسولين في الدم وتؤدي إلى تخزين الدهون في الجسم. بينما الأنظمة التي تعتمد على الدهون الصحية وتقلل الكربوهيدرات – مثل النظام المتوسطي أو الكيتو المعتدل – أثبتت فعاليتها في إنقاص الوزن وتحسين صحة القلب.

من المهم أيضًا أن نفهم أن جسم الإنسان يحتاج إلى توازن، فالاعتدال هو المفتاح. الإفراط في أي نوع من الدهون – حتى الصحية منها – يمكن أن يؤدي إلى زيادة في السعرات الحرارية، لأن الدهون هي أكثر العناصر تركيزًا في الطاقة. لكن تناولها بكميات مناسبة ضمن وجبات متوازنة يمنح الجسم ما يحتاجه من طاقة ويدعم وظائفه الحيوية.

الخلاصة أن القول بأن "الدهون ضارة وتسبب السمنة" هو خرافة قديمة نسفتها الدراسات الحديثة. الدهون ليست هي العدو، بل سوء الاختيار وسوء التوازن. اختر دهونك بعقل، وابتعد عن المقليات والمنتجات الصناعية، وامنح جسمك ما يحتاجه من زيت الزيتون، والأفوكادو، والمكسرات، وستجد أن الدهون يمكن أن تكون صديقة لجسمك لا خصمه.

 

د.هدير سيف 
اخصائي التغذيه العلاجيه