أهلاً بكم فى موقعنا

طعامك يحدد فرص إصابتك بالسرطان

Blog Images

طعامك يحدد فرص إصابتك بالسرطان

تُعدّ العلاقة بين النظام الغذائي وخطر الإصابة بالسرطان من أكثر الموضوعات التي أثارت اهتمام الباحثين والأطباء في العقود الأخيرة، إذ تشير الدراسات إلى أن ما نأكله يومياً يمكن أن يلعب دوراً محورياً في الوقاية من السرطان أو في زيادته. فالغذاء ليس مجرد مصدر للطاقة، بل هو أيضًا مجموعة من المركّبات الكيميائية الحيوية التي تتفاعل داخل الجسم بطرق قد تعزز المناعة وتمنع نمو الخلايا السرطانية، أو على العكس، تخلق بيئة خصبة لتكوّن الأورام.

من الناحية العلمية، يعتمد خطر الإصابة بالسرطان على توازن دقيق بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية، وعلى رأسها النظام الغذائي. فالأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، والسكريات المكررة، واللحوم المصنعة مثل النقانق واللانشون واللحوم المحفوظة بالنتريت، قد ثبت علمياً أنها تزيد من احتمالية الإصابة ببعض أنواع السرطان مثل سرطان القولون والمعدة والبنكرياس. ويرجع ذلك إلى أن هذه الأطعمة ترفع من مستوى الالتهابات في الجسم وتنتج مركبات ضارة أثناء الهضم مثل “الأمينات الحلقية غير المتجانسة” التي تُعد مسرطنة محتملة.

في المقابل، تلعب الأطعمة الطبيعية الكاملة دوراً وقائياً مهماً، إذ تحتوي على مضادات أكسدة قوية تحارب الجذور الحرة — وهي جزيئات غير مستقرة تتلف الحمض النووي للخلايا وتبدأ عملية التحول السرطاني. فالخضروات الورقية مثل السبانخ والكرنب، والفواكه الملونة كالتوت والرمان والعنب، تحتوي على مركبات نباتية فريدة مثل البوليفينولات والفلافونويدات التي تحمي الخلايا من الأكسدة وتدعم المناعة. كما أن الألياف الغذائية الموجودة في الحبوب الكاملة والبقوليات تساعد على تنظيف الجهاز الهضمي من السموم والفضلات المسرطنة قبل أن تُحدث ضرراً بالخلايا.

من الأطعمة التي أثبتت الدراسات دورها الكبير في الوقاية من السرطان: الثوم والبصل، لاحتوائهما على مركبات الكبريت العضوي التي تثبّط نمو الخلايا السرطانية، والكركم الذي يحتوي على مادة “الكركمين” المضادة للالتهابات وللأورام، والطماطم الغنية بمادة “الليكوبين” التي تقي من سرطان البروستاتا والثدي. كما أن الشاي الأخضر يُعتبر من أهم المشروبات المضادة للسرطان، بفضل محتواه من الكاتيشين الذي يمنع تكاثر الخلايا السرطانية ويعزز تجدد الخلايا السليمة.

لكن الوقاية لا تعتمد على نوع طعام واحد، بل على نمط غذائي متكامل يقوم على التوازن والتنوع والاعتدال. فاتباع النظام الغذائي المتوسطي – الغني بالخضروات والفواكه وزيت الزيتون والأسماك – يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالأمراض السرطانية المزمنة، وفق ما أثبتته أبحاث جامعة هارفارد ومنظمة الصحة العالمية. كما أن تقليل استهلاك الكحول، والوجبات السريعة، والمشروبات الغازية، يعد من أهم الخطوات لحماية الخلايا من التلف المستمر.

يمكن القول إن طبقك اليومي قد يكون سلاحك الأقوى في مواجهة السرطان. فالغذاء ليس مجرد وقود للجسد، بل هو منظومة دفاع متكاملة قادرة على دعم المناعة، وتنظيم الهرمونات، وإبطال مفعول المواد المسرطنة. إن وعي الإنسان بما يضعه في طبقه هو الخطوة الأولى نحو الوقاية، فاختيار الأطعمة الصحية اليوم قد يكون الفارق بين المرض والعافية غداً.

د.هدير سيف 
اخصائي التغذيه العلاجيه