الحمص (Chickpeas)، أو الحبوب البيضاء، هو نوع من البقوليات المزروعة والمستهلكة في مناطق كثيرة من العالم، وبالأخص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية. يُعرف الحمص بأنه غذاء متواضع التكلفة، وسهل الزراعة إلى حد كبير، يمكن تخزينه لفترات طويلة إذا جُفّف بشكل جيد، أو محفوظ في عبوات معقمة، ما يجعله متاحًا للفئات ذات الدخل المحدود.
لأن الحمص غني بالبروتين النباتي، والبذور القليلة الدهون، والألياف، بالإضافة إلى المعادن والفيتامينات الضرورية، فإنه يعدّ خيارًا مثاليًا لتعويض نقص العناصر الغذائية عند من لا يستطيعون شراء لحوم أو منتجات باهظة الثمن.
الفوائد الغذائية للحمص
من أبرز المزايا التي يقدمها الحمص:
- يحتوي الحمص على نسبة عالية من البروتين النباتي، ما يجعله بديلًا ممتازًا للحوم في الغذاء اليومي. هذا مفيد جدًا للأسر التي لا تستطيع توفير مصادر البروتين الحيواني باستمرار.
- الألياف الغذائية في الحمص تساعد على تحسين الهضم، تنظيم حركة الأمعاء، ومنع الإمساك، كما توفر الشعور بالشبع لفترات أطول، مما يساهم في تقليل الاستهلاك الزائد للطعام وإنقاذ ميزانية الطعام.
- الحمص غني بالحديد، الفولات، المغنيسيوم، البوتاسيوم، والزنك — كلّها معادن ضرورية للجسم للحفاظ على صحة الدم والعضلات والأعصاب، وهي غالبًا ما تكون ناقصة عند الفئات التي تعتمد على حمية محدودة.
- مؤشر السكر (glycemic index) في الحمص منخفض إلى متوسط، ما يعني أنه يُحفّز ارتفاعًا تدريجيًا في سكر الدم بعد الأكل، وليس ارتفاعًا مفاجئًا. هذا مهم للوقاية من السكري، ويساعد في الحفاظ على طاقة ثابتة.
كيف يجعل الحمص فرقًا في حياة الفقراء
عندما تكون الموارد محدودة، فإن التركيز ينصب على الأطعمة التي تجمع بين:
- السعر المنخفض: الحمص المجفف غالبًا يكون أرخص بكثير من اللحوم أو البروتينات الحيوانية، ويمكن شراؤه بكميات أكبر وتخزينه.
- التحمل والتخزين: الحمص المجفف يُخزَّن بدون تبريد لفترات طويلة إذا حفظ في مكان جاف، وقد يُستخدم أيضًا المحفوظ معلبة أو مسلوقة إذا توفرت وسائل الحفظ.
- إمكانيات الطهي المتعددة: يمكن طهي الحمص بشتى الطرق — شوربة، سلطة، مهروس، خَبز أو حتى تحميص خفيف — مما يسمح بإدخاله في الغذاء اليومي بطرق متنوعة لا تُملّ بسرعة.
- التكامل مع مكونات محلية: يمكن مزج الحمص مع الخبز، الرز، الخضروات المحلية، الأعشاب والتوابل المتاحة — مما يزيد من قيمته الغذائية ويُحسِّن الطعم دون تكلفة كبيرة إضافية.
رغم فوائده الكبيرة، هناك بعض الأمور التي يجب الانتباه لها:
- الحمص يحتوي على مركّبات مثل الفايتات (phytates) التي قد تعيق امتصاص بعض المعادن إذا كانت الحمية فقيرة التنويع. لكن نقعه وغسله وطهيه جيدًا يقلل من هذه المشكلة.
- بعض الأشخاص قد يعانون من غازات أو انتفاخ عند إدخال الحمص في النظام الغذائي لأول مرة، خاصة إذا لم يكن الجسم معتادًا على الألياف. لذا من الأفضل البدء بكميات صغيرة وزيادتها تدريجيًا.
- التوازن الغذائي ضروري؛ الحمص وحده لا يغطي كل العناصر المطلوبة مثل بعض الأحماض الأمينية الأساسية الموجودة بكثرة في اللحوم أو الأسماك، لذا من الأفضل مزجه مع مصادر أخرى للبروتين إن توافرت.
الحمّص بالفعل يُعتبر “ غذاء الفقراء” ليس بمعنى تقليل القيمة، بل بمعنى ذكي ومفيد؛ فهو يجمع بين تغذية جيدة وتكلفة منخفضة وتحمل للتخزين وطُرق تحضير متعددة. إن إدراجه بانتظام في غذاء العائلات ذات الدخل المحدود يمكن أن يساهم في تحسين مستويات التغذية، الوقاية من الأمراض المرتبطة بنقص البروتين أو الحديد، والتحكم في سكر الدم، دون الحاجة إلى اعتمادات مالية كبيرة.
د.هدير سيف
اخصائي التغذيه العلاجيه